Home » » الإِنشاءُ الطلبيُّ: الأَمرو النهي

الإِنشاءُ الطلبيُّ: الأَمرو النهي

1-الأمر:معناه الأصلي و صيغه:


1. قال تعالى {وَ لاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَ أَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً }الإسراء34 2. وقال: { وَبِالْوَالِدَيْن إِحْسَاناً }.

3. قال الملك لبيدبا:"اخترت أن تضع هذا الكتاب، وتعمل فيه فكرك، و ليكن مشتملاً على الجد والهزل واللهو والحكمة والفلسفة."

4. "فقال لها الملك:واعلمي أن الرسول برأيه وعقله، ولينه وفضله، يخبر عن عقل المرسل. فعليك باللين والرفق والحلم والتأني"

 إذا تأملت المثال الأوّل لاحظت أنّ الآية الكريمة قد اِشتملت على صيغة أولى يُطْلب بها الكف عن القيام بالفعل على وجه الإلزام [ لاَ تَقْرَبُواْ ]،وهذا هو النّهي. وثانية يُطْلب بها حصول شئ لم يكن حاصلاً وقت الطلب،وذلك على وجه الإلزام أيضا [ أَوْفُواْ ]. وقد كان طالب الفعل في الحالين أعظم و أعلى ممن نُهِيَ عن القيام بالفعل/ طُلِب منه الفعل.

 اُنظُر في صيغت النّهي[ لاَ تَقْرَبُواْ ] تجدها متمثلة في: المضارع المقرون بلا الناهية. وهي واحدة لا تتغير.

 تأَمّلْ صِيغَةَ الأمر في جميع الأمثلة تجدْها لا تخرج عن أَربع: هي فعل الأمر [ أَوْفُواْ ]، والمضارع المقرون بلام الأمر [ليكن]. و المصدر النائب عن فعل الأمر [إِحْسَاناً] ،و اسم فعل الأمر[ عليك ].


 الأمر هو طَلَبُ القيام بالْفِعْل على وجْهِ الاِسْتِعْلاء.

 النَّهىُ طَلَبُ الكَفِّ عَن الْفِعْل عَلَى وَجْهِ الاستعلاء.

 لِلأَمْر أَرْبَعُ صِيَغ: فِعْلُ الأمر، والْمُضَارعُ المقرونُ بلام الأَمْر، واسمُ فِعْل الأَمْر، والمَصْدرُ النَّائِبُ عَنْ فِعْل الأَمْر.

 لِلنَّهْى صِيغَة واحِدة هي المضَارعُ المجزوم بلا النَّاهِيَةِ.

2 -معاني الأمر والنّهي البلاغيّة:


1. قال دمنة للأسد: "أيها الملك لا تعجّل في قتلي...و ليبحث الملك في أمري حتى يتبيّن له صدقي "

2. قال اللّه تعالى : { رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }البقرة286

3. وإذا بنيت الملك فابن حقيقة

لا تبن أوهاما ولا أحلاما(أحمد شوقي)

4. فيا قلـب دع ذكرى بثينة إنها

وإن كنت تهواها تضنُّ وتبخل(جميل بن معمر)

5. قالت الخنساء في رثاء صخر:أعينيَّ جودا و لا تجمدا  ألا تبكيان لصخر النّدى

أ‌. قال الله تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }الأعراف31

 اُنظر إلى الأمثلة السّابقة تجد أَن الأمر والنّهي لم يُستعملا في معنييهما الحقيقيين[ طلب القيام الفعل/ طلب الكفّ عن الفعل على وجه الاستعلاء والإِلزام]، وإِنما دلَّ على معان أخرى يُدركها السامع من السياق و قرائن الأحوال:

=> فدمنة في المثال الأوّل لا يستطيع تكليف الأسد و إِلزامه القيام بالفعل/نهيه عنه، إذ أنّ الملك أعلى منه مرتبة وشأنا. وإِنما هو يلتمس منه ألاّ َيعَجِّل في قتله وأنْ يتَريّث في أمره. فالنّهي والأَمر هنا للالتماس .

=> أمّا في المثال الثاني فصيغة الأَمر يُخاطِبُ بها الأَدنى[المؤمنون] من هو أَعلى منهم منزلة وشأناً [اللّه عزّ وجلّ] فيدعونه ألاَّ يُحَمِّلْهم ما لا يستطيعونه من التكاليف والمصائب، و أن يمحو ذنوبهم، فالمر والنّهي هنا للدّعاء.

=> وإذا تأمّلت المثال الثّالث وجدت أنَّ صيغة الأمر [ابن] والنّهي[لاتبن] دلّت على رغبة شوقي في إرشاد مواطنيه إلى سبيل الرّقيّ،فأفادت الصّيغتان النّصح والإرشاد .

=> و أمّا المثالان الرّابع والخامس فقد خاطب الشّاعران فيهما من لا يسمع ولا يطيع [جميل بن معمر = توجّه بالأمر إلى القلب/الخنساء=أمرت العين ونهتها] فأَرادا بصيغة الأَمر والنّهي التمني .

=> إنّ الآية الكريمة لا تتضمّن إلزاماً بالقيام بالفعل من خلال الأمر[كلوا/اشربوا]،بل إنّ اللّه تعالى يبيح لعباده أن يأكلوا ويشربوا من طيبات ما رزقهم،فأفاد الأمر الإباحة .


قَدْ يخْرُجُ الأَمْر والنّهي عَنْ مَعْنييهما الأصليَّين ليعبّرا عن مَعانِ أُخْرَى تُسْتفاد مِنْ سِياق الكلام ومنها: النّصح والإِرشَادِ، والدّعاءِ، والالْتماس، ،و التمني والإِباحةِ ، والتَّخْيير والتَّسْوية و التَّعْجيزِ، والتَّهْديدِ....


0 comments:

Post a Comment

 
Support : Your Link | Your Link | Your Link
Copyright © 2013. اللغة العربية وادبها - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website Published by Mas Template
Proudly powered by Blogger